الصحة الشخصية والمهنية هي أساس الممارسة الواعية والآمنة في الفترة المحيطة بالجراحة وأساس رعاية المريض كذلك. يتضح تأثير الوباء في صحة مقدمي الرعاية الصحية ورفاهيتهم بشكلٍ عام من خلال زيادة معدلات الاحتراق الوظيفي والاكتئاب وتعاطي المواد المخدرة وكذلك الانتحار الأمر الذي يهدد قدرة مقدمي الرعاية الصحية على توفير رعاية آمنة ومثالية للمرضى.¹ يتطلب الأمر إستراتيجية شاملة لتنفيذ ثقافة تنظيمية وتعليمية إيجابية وتعزيزها بغية دعم رفاهية الطبيب والمتدرب أو المتعلم.

تخيل للحظة واحدة أنك متدرب أو طالب أو متعلم من أحد الاختصاصات العديدة المحيطة بالجراحة وستنضم إلى مرحلة معينة من الرعاية لبدء تجربتك السريرية. بوصفك متدربًا الآن أو عندما كنت متدربًا، تدخل مكانًا قد تكون تجربتك الوحيدة فيه، بخلاف القراءة عن المهنة التي اخترتها وربما مراقبة أحد المتمرسين عن كثب لبضع ساعات، هي مكانًا قد خضت فيه أنت أو عائلتك أو أصدقاؤك إجراءً كان مليئًا بالعديد من الأمور المجهولة. أنت الآن تدخل في نظام معقد للغاية يقوم على العلم والسياسة مع العديد من اللغات والتقاليد ومعايير الرعاية المهنية. كونك متدربًا، قد تشعر بالقلق إزاء الطريقة التي سيتم فهمك بها. تأمل أن تكون شخصًا مثاليًا وتكتشف في نهاية المطاف أن الكمال والظهور “بمظهر جيد” هو بكل بساطة أمرٌ غير ممكن. قد يمكنك استيعاب الأسئلة الآتية: هل سيكون لدي هيئة التدريس الوقت أو الاهتمام لربط ما تعلمته في الفصل الدراسي ومختبر المحاكاة بالممارسة الفعلية؟ من سيشاركك وكيف ستحصل على الدعم لسلامتك الشخصية ورفاهيتك حتى تستطيع التعلم دون الإضرار بالمريض أو بنفسك؟ بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يحدث الكثير في الأيام الأولى من برنامج تعليم الرعاية الصحية نتيجة تغيير هيئة التدريس والفرق والتناوب التخصصي ووجود مرافق جديدة لكل منها ثقافة أو بيئة تعليمية خاصة بها ما يجعل الكفاءة الذاتية والثقة تشكل تحديًا كبيرًا.

تتميز الفترة المحيطة بالجراحة بثقافة خاصة بها تتأثر بالثقافة التنظيمية والثقافات الفرعية للمهن التي لها لغات وعادات فريدة.^2,3 يبحث المتدرب أو الطالب أو المتعلم عن بيئة مادية ونفسية ذات طابع تعليمي ترحب بهم وتدعم تعلمهم، بينما في الواقع قد يواجهون بعض المدربين أو هيئة التدريس السريرية الذين سيجعلون عملية التعلم صعبة للغاية وغير مريحة.⁴ وكأن طلاب الطب الذين واجهوا هيئة تدريس يمثلوا قدوة سلبية لهم أثناء تدريبهم أكثر عرضة للإصابة بالاحتراق الوظيفي.⁵ بالإضافة إلى ذلك، كان طلاب الطب أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والاحتراق الوظيفي إذا شعروا أن أعضاء هيئة التدريس لديهم مطالب عالية مع القليل من الدعم، ولم يدعموا استقلالية الطلاب، وكانوا عدائيين أو مزعجين. كان الطلاب الذين تعاملوا مع هيئة التدريس ممن وضعوا التعليم على قمة أولوياتهم أقل عرضة للإصابة بالاحتراق الوظيفي.⁵ وفي دراسة حديثة، أفادت الطالبات من ممرضات التخدير المسجلات (SRNAs) أن الموازنة بين متطلبات التخدير الدقيق ومنهج DNP وعافيتهم لم تكن موضع تقدير من قبل بعض أعضاء هيئة التدريس السريرية، مما يزيد من التوتر والقلق لدى الطلاب. صرحت الطالبات أن العلاقة الداعمة والحقيقية مع منسق (منسقي) الموقع السريري لممرضة التخدير المسجلة المعتمدة قد أدى إلى تحسين رفاهيتهن.⁶

تحتوي بيئة أو ثقافة التعلم على أربعة مكونات تفاعلية ومتداخلة وهي الشخصية والاجتماعية والتنظيمية والمادية/ الافتراضية كما هو موضح في الشكل 1.⁷ عند النظر في هذه المكونات الأربعة المتداخلة والتفاعلية لبيئة التعلم، يصبح من الواضح أن تجربة المتدرب وإدراكه لنفسه في بيئة التعلم والثقافة يمكن أن يكون له تأثير بالغ في رفاهيتهم. أدى وباء كوفيد-19 إلى تعطل بيئة التعلم وأوقف التجارب السريرية المطلوبة، وكذلك كيفية تقديم جميع خدمات الرعاية. قلب الوباء النظام الصحي رأسًا على عقب، حيث وضع الأطباء والمتدربين في موقع الأدوار المتغيرة مع القليل من الوضوح لما يبدو عليه النجاح كما لا توجد علامة على عودة الحياة إلى طبيعتها مع ظهور طفرة بعد الأخرى ما زاد الاحتراق الوظيفي المصحوب بإنهاك عاطفي شديد وتبدد الشخصية وضعف الشعور بالإنجاز الشخصي.⁸ وفي تقرير حظي بإجماع الآراء لدراسة في National Academies of Sciences, Engineering and Medicine (NASEM) عام 2019 بشأن اتخاذ إجراء إزاء الاحتراق الوظيفي للأطباء، وجدت اللجنة أن الأطباء الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي، تم تحديده على أنه إرهاق عاطفي وتبدد الشخصية وفقدان الكفاءة المهنية، هم مدرسون ضعفاء ونماذج يمكن أن تعطل البيئة التعليمية.⁸

لقد قيل الكثير عن اعتناء المتدربين بأنفسهم. في الواقع، تعد ممارسة الرياضة بانتظام مع اتباع نظام غذائي سليم والنوم أمرًا أساسيًا لصحة الجميع، ولكن هل هذا كافٍ؟ عندما تشارك في تعليم إرشادي صارم يجب أن يكون مرتبطًا بالمهارات والتقنيات والتواصل المعقد والتفكير النقدي لمقدم رعاية صحية مستقل، قد تحتاج إلى المزيد لتكون على ما يرام.
غالبًا ما يكون الإدراك المبكر للمتدرب إزاء نفسه وبيئة التعلم الخاصة به ثابتًا في عقليته ويمكن أن يكون متطرفًا للغاية—كن مثاليًا واظهر بمظهر جيد للآخرين وإلا فأنت فاشل.⁹ لا تدعم العقلية الثابتة التعلم أو المرونة اللازمة لممارسة رعاية صحية ناجحة وآمنة. مرارًا وتكرارًا، تتمتع هيئة التدريس وفريق الرعاية الصحية، من خلال برنامج تعليمي أو تدريبي، بفرص لتعزيز ثقافة التعلم الآمنة للمتعلم للانتقال من العقلية الثابتة إلى عقلية النمو.^9-11 توفر عقلية النمو للمتدرب إطارًا مرجعيًا؛ وإمكانية، إذا توفرت لديه الإرادة للتعلم من التحديات والتعليقات والأخطاء.^9-11 وفي ثقافة التعلم الفعالة، تستطيع هيئة التدريس والطلاب معًا التخطيط ليوم تعليمي ناجح من خلال وضع أهداف واضحة وقابلة للقياس لإنشاء سلسلة تعليقات في الوقت المناسب خلال اليوم السريري الأول لتقييم الفهم وفي نهايته كذلك. يمكن أن تحدد هذه التعليقات النجاحات والأسئلة التي يجب الإجابة عنها من المؤلفات والنصوص، وما الأهداف التعليمية التالية.⁵ أن الطالب الجيد هو الذي يتمتع بالمرونة والعزيمة والثقة في البحث عن تجارب تعليمية صعبة تثير روح التحدي وذلك عندما تصطف هيئة التدريس والثقافة في ثقافة تعليمية إيجابية. سيعرف هؤلاء الطلاب كذلك متى يطلبون المساعدة من أجل السلامة الشخصية وسلامة المرضى.

يتبع تعزيز ثقافة التعلم لصحة المتدرب أو المتعلم إستراتيجيات تعزز الرفاهية والتعاطف وتجربة التعلم التي تربط المتعلم وهيئة التدريس والثقافة معًا للرقي بالمجتمع والقضاء على سوء المعاملة ومعالجة المفاهيم الخاطئة من خلال المحادثة وتحسين تجربة التعلم باستمرار وتعزيز عقلية النمو لدى المتعلمين وهيئة التدريس، وأخيرًا التخفيف من الشعور بالخجل لطلب المساعدة (الجدول 1).^5,7,11 المتدربون لدينا، بغض النظر عن مهنتهم، هم مستقبلنا. سيؤتي الاستثمار عبر مؤسساتنا لتعزيز ثقافة وبيئة التعلم بين المهنيين ثماره في جذب المهنيين المشاركين والاحتفاظ بهم، وسيحسن كذلك صحة المتدربين لدينا ليكونوا يقظين ويشاركوا في تقديم الرعاية الصحية ويركزوا على سلامة المريض ومقدم الخدمة.¹² لدى منظمة الرعاية الصحية الفرصة لتضمين المتعلمين والموظفين في استطلاعات مجهولة الهوية لتقييم فعالية الثقافة التنظيمية وثقافة التعلم، وكذلك التأثير في الصحة والاحتراق الوظيفي والتعلم.^7,12 تسمح الأنشطة الاجتماعية، خارج الموقع السريري، التي يتم ترتيبها خارج نطاق الوقت التعليمي والسريري للطلاب بالتواصل مع بعضهم لتحسين التجربة التعليمية.⁶ كما تعزز أيام الصحة خلال برنامج التعليم التوازن بين العمل والحياة.⁶ لدى هيئة التدريس السريرية وأعضاء الفريق المحيط بالجراحة فرصة للتواصل مع الطلاب لتعزيز دورهم المهني من خلال إشراكهم في محادثات الفريق والاتصالات وأنشطة التعليم وتحسين الجودة والاحتفال بأعياد الميلاد والاحتفالات الأخرى والتجمعات الاجتماعية خارج الموقع التدريبي. كونك جزءًا من مجتمع يهتم حقًا بالطالب كشخص ويوفر للطلاب مكانًا آمنًا للتعلم والنمو بصحة جيدة.

الجدول 1: ثقافة التعلم⁸

يعد تثقيف وتوجيه المتدربين والطلاب والمتعلمين لدينا في بيئة تعليمية صحية وجيدة أمرًا معقدًا وحاسمًا.⁸ ويتطلب ذلك اهتمامنا والتزامنا بمراقبة طلابنا وثقافتنا ومقاييسنا وأنفسنا من أجل الصحة المرتبطة بالسلامة، والأهم من ذلك كله، أن نسأل المتدربين لدينا، هل أنتم على ما يرام؟ يجب كذلك أن نواصل دعم مستقبل الرعاية الصحية، والمتعلمين لدينا، من أجل استمرار الصحة أو توجيه المتعلم إلى المصادر التي يكتسب من خلالها الصحة من أجل سلامته وسلامة المريض.¹³

 

Lynn Reede‏،‎ DNP‏،‎ MBA‏،‎ CRNA‏،‎ FNAP، أستاذة سريرية مشاركة في برنامج ممرضات التخدير بجامعة نورث إيسترن، بوسطن، ماساتشوستس. وهي عضو في اللجنة التنفيذية ومجلس الإدارة في مؤسسة APSF.

---

ليس لدى المؤلف تضارب في المصالح.

---

المراجع

1. Health Policy Institute of Ohio. A call to action. Improving clinician well-being and patient care and safety. 2020.
2. Allen MP, Johnson RE, McClave EZ, Alvarado-Little W. Language, interpretation, and translation: a clarification and reference checklist in service of health literacy and cultural respect. National Academy of Medicine. February 18, 2020 https://nam.edu/language-interpretation-and-translation-a-clarification-and-reference-checklist-in-service-of-health-literacy-and-cultural-respect/ Accessed November 20, 2021.
3. Raksamani, K., Stalmeijer, R.E. How postgraduate trainees from different health professions experience the learning climate within an operating theater: a mixed-methods study. BMC Med Educ. 2019;19:1–11. doi.org/10.1186/s12909-019-1648-1
4. McKimm J, Nishigori H. The implications of culture in the education and practice of healthcare professionals. The Asia-Pacific Scholar. 2019;4:1–2. doi.org/10.29060/TAPS.2019-4-3/EV4N3
5. Dyrbye LN, Satele D, West CP. Association of characteristics of the learning environment and US medical student burnout, empathy, and career regret. JAMA Netw Open. 2021;4:e2119110. dx.doi.org/10.1001%2Fjamanetworkopen.2021.19110
6. Mesisca J, Mainwaring J. Stress, anxiety, and well-being in nurse anesthesia doctoral students. AANA Journal. 2021;89:396–402.
7. Gruppen L, Irby D, Durning S, Maggio L. Interventions designed to improve the learning environment in the health professions: a scoping review. MedEdPublish. 2018;7:1–32. doi.org/10.15694/mep.2018.0000211.1
8. National Academies of Sciences, Engineering, and Medicine. Taking action against clinician burnout: a systems approach to professional well-being. The National Academies Press. 2019. doi.org/10.17226/25521
9. Bartlet AD, Um IS, Luca EJ, et al. Measuring and assessing the competencies of preceptors in health professions: a systematic scoping review. BMC Medical Education. 2020; 20:165. doi.org/10.1186/s12909-020-02082-9
10. Dweck C. Mindset: The new psychology of Success. Ballantine Books. 2007. https://www.mindsetworks.com
11. Theard MA, Marr MC, Harrison R. The growth mindset for changing medical education culture. EClinicalMedicine. 2021; 37:100972 doi.org/10.1016/j.eclinm.2021.100972
12. Dyrbye LN, Lipscomb W, Thibault G. Redesigning the learning environment to promote learner well-being and professional development. Acad Med. 2020;95:674–678. doi.org/10.1097/acm.0000000000003094
13. Huang J, Brenner A. Our own safety. APSF Newsletter. 2019;33:82–83. https://dev2.apsf.org/article/our-own-safety/